روائع مختارة | واحة الأسرة | قضايا ومشكلات أسرية | التعامل التربوي.. مع الطفل العصبي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > واحة الأسرة > قضايا ومشكلات أسرية > التعامل التربوي.. مع الطفل العصبي


  التعامل التربوي.. مع الطفل العصبي
     عدد مرات المشاهدة: 3987        عدد مرات الإرسال: 0

سأل معاوية بن أبي سفيان الأحنف بن قيس عن الولد، فقال: يا أمير المؤمنين أولادنا ثمار قلوبنا، وعماد ظهورنا، ونحن لهم أرض ذليلة، وسماء ظليلة، وبهم نصول عند كل جليلة، فإن طلبوا فأعطهم، وإن غضبوا فأرضهم، يمنحوك ودهم، ويحبّوك جهدهم.

ولا تكن عليهم قفلا فيتمنّوا موتك ويكرهوا قربك ويملوا حياتك. فقال له معاوية: لله أنت! لقد دخلت علىّ وإني لمملوء غيظا على يزيد ولقد أصلحت من قلبي له ما كان فسد.

بهذه العقلية نريد أن نكون في تعاملنا مع أبنائنا، و أن تكون نظرتنا لهم نظرة إيجابية، و أن نغدق عليهم من عطفنا وحبنا، بدلا من الصراخ في وجوههم، وإعلان الثورة عليهم لأتفه الأسباب، حتى لا يكتسبوا منا سلوكا غير مرغوب فيه.

فلقد ثبت علميا أن الطفل يتأثر بما يحيط به من الحنو أو القسوة تأثرا عميقا يصاحبه بقية حياته وعمره ويشمل نواحيه الصحية والنفسية، وكما هو معلوم لدى علماء التربية أن الطفل يولد وليس له سلوك مكتسب، بل يعتمد على أسرته في اكتساب سلوكياته، وتنمية شخصيته؛ لأن الأسرة هي المحضن التربوي الأول التي ترعى البذرة الإنسانية منذ ولادتها.

ومنها يكتسب الكثير من الخبرات والمعلومات، والمهارات، والسلوكيات والقدرات التي تؤثر في نموه النفسي -إيجابا وسلبا – وهي التي تشكل شخصيته بعد ذلك، وكما قال الشاعر أبو العلاء المعري:

وَيَنشَأُ ناشِئُ الفِتيانِ مِنّا عَلى ما كانَ عَوَّدَهُ أَبوهُ

ومن الظواهر التي كثيرا ما يشكو منها الآباء والأمهات ظاهرة العصبية لدى الأطفال. ونحن في هذه السطور سنلقي الضوء على هذه الظاهرة بشيء من التفصيل.

أولا: تعريف العصبية:

هي ضيق و توتر وقلق نفسي شديد يمر به الإنسان سواء الطفل أو البالغ تجاه مشكلة أو موقف ما، يظهر في صورة صراخ أو ربما مشاجرات مع الأقران أو أقرب الناس مثل الأخوة أو الوالدين.

أسباب العصبية لدى الأطفال:

يرى علماء النفس أن العصبية لدى الأطفال ترجع إلى أحد السببين الآتيين:

1. أسباب عضوية (مَرضية) ، مثل:

- اضطرابات الغدَّة الدرقية.

- اضطرابات سوء الهضم.

- مرض الصرع.

وفي حالة وجود سبب عضوي لا بد من اصطحاب الطفل إلى الطبيب المختص لمعالجته منه، فلا بد من التأكد من خلو الطفل من الأمراض العضوية قبل البحث عن أسباب نفسية أو فسيولوجية تكمن وراء عصبية الطفل.

وفي حالة التأكد من خلو الطفل من تلك الأمراض السابقة، علينا أن نبحث في السبب الثاني للعصبية وهو:

2. أسباب نفسية واجتماعية وتربوية، وتتمثل في: -

- اتصاف الوالدين أو أحدهما بها، مما يجعل الطفل يقلد هذا السلوك الذي يراه أمام عينيه صباح مساء.

- غياب الحنان والدفء العاطفي داخل الأسرة التي ينتمي إليها الطفل، سواء بين الوالدين، أو إخوانه.

- عدم إشباع حاجات ورغبات الطفل المنطقية والمعتدلة.

- القسوة في التربية مع الأطفال، سواء بالضرب أو السب، أو عدم تقبل الطفل وتقديره، أو تعنيفه لأتفه الأسباب.

- الإسراف في تدليل الطفل مما يربي لديه الأنانية والأثرة وحب الذات، ويجعله يثور عند عدم تحقيق رغباته.

- التفريق بين الأطفال في المعاملة داخل الأسرة، سواء الذكور أو الإناث، الكبار أو الصغار.

- مشاهدة التلفاز بكثرة وخاصة الأفلام والمشاهد التي تحوي عنفا و إثارة، بما في ذلك أفلام الرسوم المتحركة.

- هناك دور رئيس للمدرسة، فربما يكون أحد المعلمين، أو إحدى المعلمات تتصف بالعصبية، مما يجعل الطفل متوترا، ويصبح عصبيا.

مظاهر العصبية لدى الأطفال:

- مص الأصابع.

- قضم الأظافر.

- إصرار الطفل على رأيه.

- بعض الحركات اللاشعورية مثل: تحريك الفم، أو الأذن، أو الرقبة، أو الرجل وهزها بشكل متواصل... . إلخ.

- صراخ الطفل بشكل دائم في حالة عدم تنفيذ مطالبة.

- كثرة المشاجرات مع أقرانه.

خطوات العلاج:

1. أن يتخلى الوالدان عن العصبية في معاملة الطفل. وخاصة في المواقف التي يكون فيها الغضب هو سيد الموقف. حيث إن الطفل يكتسب العصبية عندما يعيش في منزل يسوده التوتر والقلق.

2. إشباع الحاجات السيكولوجية والعاطفية للطفل بتوفير أجواء الاستقرار والمحبة والحنان والأمان والدفء، وتوفير الألعاب الضرورية والآلات التي ترضي ميوله، ورغباته، وهواياته.

3. لا بد أن يتخلى الآباء والمعلمون عن القسوة في معاملة الطفل أو ضربه أو توبيخه أو تحقيره، حيث إن هذه الأساليب تؤثر في شخصية الطفل، و لا تنتج لنا إلا العصبية و العدوانية.

4. البعد عن الإسراف في حب وتدليل الطفل. لأن ذلك ينشئ طفلا أنانيا لا يحب إلا نفسه، ولا يريد إلا تنفيذ مطالبه.

5. عدم التفريق بين الأبناء في المعاملة أو تفضيل الذكور على الإناث، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم الأسوة الحسنة، في الحديث الذي يرويه البخاري عن عامر قال سمعت النعمان بن بشير رضي الله عنهما وهو على المنبر يقول: أعطاني أبي عطية فقالت عمرة بنت رواحة لا أرضى حتى تشهد رسول الله صلى الله عليه و سلم فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فقال إني أعطيت ابني من عمرة بنت رواحة عطية فأمرتني أن أشهدك يا رسول الله قال (أعطيت سائر ولدك مثل هذا) . قال لا قال (فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم) . قال فرجع فرد عطيته.

6. إعطاء الطفل شيئا من الحرية، وخاصة فيما يتعلق بشراء ألعابه، أو ملابسه، وعدم التدخل في كل صغيرة وكبيرة من شؤون الطفل؛ لأن هذا يخلق جوا من القلق و التوتر بين الطفل ووالديه.

7. استخدام أسلوب النقاش والحوار والإقناع مع الطفل العصبي بدلا من الصراخ في وجهه حيث إن ذلك لن يجدي معه نفعا.

8. تعزيز السلوك الإيجابي للطفل سواء بالمكافآت المادية أو بالتحفيز المعنوي عن طريق إطلاق عبارات المدح والثناء.

9. إتاحة الفرصة للطفل في ممارسة نشاطه الاجتماعي مع الأطفال الآخرين، و عدم الإفراط في الخوف على الطفل، حيث إن تفاعله مع الآخرين يساعد في نمو شخصيته الاجتماعية.

10. مراقبة ما يشاهده الطفل في التلفاز، و عدم السماح له برؤية المشاهد التي تحوي عنفا أو إثارة.

 الكاتب: عصام ضـاهـر

المصدر: موقع زهور الإسلام